LOADING

Type to search

البيولوجيا ضد الحداثة

GB Geo-Blog

البيولوجيا ضد الحداثة

ضغط الأميركيون على عبدالله عبدالله فأجبروه على الانسحاب من السباق الرئاسي في افغانستان.

الحجة الأميركية المضمرة وجيهة جداً: عبدالله عبدالله هو نصف بشتوني، ولو حدث ان وصل إلى سدة الرئاسة في بلده، فإن مثل هذا الحدث قد يجعل البشتون كتلة صماء ومتماسكة في مواجهة الأقليات الأخرى التي يتشكل منها الموزاييك الأفغاني. لا حاجة للتشديد مرة أخرى على فضائل الديموقراطية ومبادئها. عبدالله عبدالله يعرف ذلك وحامد كرزاي يعرف ايضاً. ولا جدوى من الحديث عن ضرورة ان نسمح لصندوقة الاقتراع بأن تمارس دور الحكم: من ينال اصواتاً أكثر يفوز. فالاميركيون يعرفون، ونحن ايضاً نعرف، ان الحكم، في اي بلد من بلدان العالم، حتى المتخلفة منها كأفغانستان، يفترض هيمنة فئة ما او ائتلاف ما على فئات أخرى، وهذه الهيمنة تشترط ان يكون الهميمن عليه راضياً، وإلا تزداد حظوظ احتمال ان ينقلب المهيمن عليه على العقد الإجتماعي برمته، مما يؤدي إلى موت الدولة بنية وفكرة ومعنى. ذلك ان الدولة تشترط لنشوئها واستوائها فئة حاكمة وأخرى محكومة.

كل هذا مفهوم. إذاً فلنبحث عن مسوغات هيمنة ما في افغانستان ليتسنى لهذا البلد ان يقوم مرة أخرى على ثنائية الحاكم والمحكوم. الأميركيون لن ينسحبوا من أفغانستان ما دام ثمة شك في تحقق هذه المعادلة. وأفغانستان لن تنجو من حروبها السيارة ما دامت اسس هذه المعادلة لم تتحقق بعد. إنها الديموقراطية ايضاً.

ما يؤلم في المشهد الأفغاني ليس هذا السعي الأميركي والدولي لتحقيق هيمنة مقبولة للمهيمن عليهم. وليس مما يؤسف له ايضاً ان يواجه مندوبو الامم المتحدة ومراقبو نزاهة الانتخابات بطالة مبادئهم وأفكارهم. ما يؤسف له حقاً، ان الهيمنة في هذا البلد لم تعد تجد مسوغاً لها او مقومات تذكر تتصل بالحداثة من اي باب. فقط ثمة التكاثر البيولوجي: البشتون في افغانستان كثرة، ولا عبرة لأدوارهم في الاقتصاد او الثقافة او الاقتصاد او الاجتماع. هم كثرة عددية، ولم يعد ثمة في افغانستان غير الأعداد. وعلى قاعدة العدد والتكاثر يجدر بأفغانستان ان تستقر. هذا يقع في صلب المبادئ الديموقراطية فعلاً. لكنه على الأرجح يفتقد كل اتصال بالحداثة التي يمكن القول ان الديموقراطيات ولدت من رحمها.

انتخابات افغانستان تعلن عن نفسها بلهجة ديموقراطية. لكن صلاتها بالحداثة والعصر معدومة تماماً. لطالما كانت البيولوجيا المحض نقيض التحديث

Categories:

1 Comment

  1. bassam_nd@hotmail.com November 2, 2009

    افغانستان النموذج لبلدان تختبر فيها مفاهيم الحداثة الغربية في شرق مشبع بروح الخرافة. في افغانستان يصبح للكثرة العددية قيمة في فرض ديموقراطية تسبغ على الكثرة العددية قيماً لا تتصل بالأفكار الديموقراطية من اي باب. هذا ما حدث في لبنان لحظة تأسيسه وهذا ما يحدث اليوم في العراق وفي افغانستان.

Leave a Comment

Next Up