ماك كريستال المنزوع الحقوق
ليست حادثة إقالة الجنرال ماك كريستال غير مسبوقة في الولايات المتحدة الأميركية. إنما ورغم أنها كذلك، إلا أنها تثير من الملاحظات ما يعجز المرء عن تجاهلها. الجنرال ماك كريستال هو ضابط في جيش الولايات المتحدة ذات النظام الديموقراطي. وأحد أبرز خصائص هذا النظام مثلما جاء في بيان الرئيس الأميركي باراك أوباما، ان السلطات السياسية المنتخبة هي التي تتحكم وتقرر في ما يخص المؤسسات التابعة لها. جنرال اميركي يعترض على الأداء السياسي للحكومة والمؤسسات الاميركية يقال حتماً من منصبه. هذا يحدث في النظم الديموقراطية. الأمر يكاد يكون معكوساً تماماً في إيران مثلاً. حيث لا يكف الجنرالات في الحرس الثوري عن التصريح، وحين يهاجمون الرئيس يبدأ الرئيس بعد الأيام المتبقية له خارج القضبان. المسألة ليست في الفوارق الجوهرية سياسياً بين النظامين فقط. المسألة تذهب أبعد من ذلك بكثير. ذلك أنه من خصائص النظام الديموقراطي تسيّد السلطة السياسية المنتخبة على المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية. وحين يتعلق الأمر بالمؤسسات العسكرية فإن النظام الديموقراطي يدخل في جملة من المفارقات. ذلك ان الجندي في النظام الديموقراطي هو صاحب امتيازات مادية ومعنوية، لكنه ما أن يصبح جندياً حتى يطلب منه التخلي عن حقه المشروع كمواطن في ان تقوم الدولة التي يخدمها بحمايته والمحافظة على حياته. الجندي في النظام الديموقراطي هو شخص منزوع الحقوق، في التعبير وفي الحق في الاطمئنان إلى حياته وغده. إنه بمعنى ما يبادل الامتيازات التي يحصل عليها باستعداده للموت. والحال، وبصرف النظر عن فاعلية الاستراتيجية السياسية والعسكرية الاميركية في افغانستان او عدم فاعليتها، فليس من حق الجنرال ان يشكو. ذلك انه مكلف بالاستعداد مع جنوده للموت من أجل حماية المواطنين الاميركيين. هذا في المبدأ، مع أن ثمة الكثير مما يمكن أن يقال في هذا الإدعاء الرسمي الأميركي. لكن النتيجة النظرية حاسمة: مهمة الجيوش في الدول الديموقراطية حماية الدولة ومواطنيها ومؤسساتها، وليس من حقهم الشكوى حين يتعرضون للموت، إلا في ما يخص الخطط اللوجستية العسكرية البحت. في حين أن الأمور مختلفة تماماً في إيران. ذلك ان من يعاني من العقوبات الدولية على إيران هو الشعب الإيراني، اي مجموع المواطنين الإيرانيين، الذين يبدون في ظل نظام الملالي كما لو أنهم المكلفون بحماية الجيش والجنرالات والسلاح النووي. في إيران يصرح جنرالات الحرس الثوري ما يشاؤون ويقعون في موقع أعلى وارفع من موقع المؤسسات السياسية المدنية، ذلك ان ما يريد النظام المحافظة عليه هو سلامة الجيش والجنود والضباط حصراً، في حين تقع على الشعوب مهمة التضحية من أجل سلامة هذا الجيش
The opinions expressed in this blog are strictly personal and do not reflect the views of Global Brief or the Glendon School of Public and International Affairs.
الآراء الواردة في هذا البلوغ هي اراء شخصية ولا تعبر عن وجهة نظر غلوبال بريف او غلندون سكول اوف بابليك اند انترناشونال افيرز