عقوبات وسماسرة
الرزمة الرابعة من العقوبات على طهران التي أقرها مجلس الامن الدولي بإجماع دوله الكبرى، تبدو من النافذة الإيرانية اقل فعالية مما يجب. على الأرجح، ومثلما هي حال العقوبات المماثلة، لن يدفع قرار مجلس الأمن الدولي إيران للركوع. ما سيحصل هو مزيد من الإفقار للشعب الإيراني. العقوبات ستصبح حجة النظام الإيراني لنهب شعبه مرة أخرى. فلنتذكر العقوبات الدولية على نظام صدام حسين في العراق. لم يركع النظام يومها، بل وجعل من العوز والفقر والمرض حجته للحضور دولياً. بات ينظم جنازات جماعية للأطفال بمشاركة ناشطي سلام ودعاة رفع عقوبات من دول العالم كله. ثم وبعدما يئست أميركا من نجاعة العقوبات شنت حملة عسكرية لإسقاط النظام
أخلاقياً جاءت الحملة العسكرية متأخرة كثيراً عن توقيتها الملائم. حجة تلك الحملة كانت منع صدام حسين من حيازة واستعمال أسلحة الدمار الشامل. والحال، لم يجد الأميركيون أسلحة مماثلة، مع أنهم قبل سنوات من إقرار العقوبات صمتوا وغضوا النظر عن استعمالها من قبل النظام ضد الأكراد. الأسلحة كانت موجودة من قبل العقوبات، ولسبب او لآخر، وبعد سنوات من من إقرار العقوبات تخلص منها النظام على نحو ما او أبعدها عن عين التفتيش الدولي حتى اليوم. هكذا خسرت الحرب الأميركية على نظام صدام حسين حجتها لسببين: تقادم الزمن على الجريمة المتعلقة باستعمال أسلحة الدمار الشامل، وتلف الأسلحة نفسها بسبب تقادم الزمن عليها وعلى العقوبات
في الأثناء، كان نظام صدام حسين قد أنشأ لنفسه شبكة عالمية من السماسرة، دولاً وأفراداً ومؤسسات. واستعاض بهذه الشبكة عن ضيق التجارة العالمية مع بلده. لطالما أنشأت مثل هذه العقوبات سماسرة للتحايل عليها. الإيرانيون يعلنون من دون مواربة ان العلاقات التجارية مع الصين ستستمر من تحت الطاولة، وان روسيا نفسها ستلجأ في القريب العاجل إلى عقد اتفاقات معهم من تحت الطاولة، أيضاً ثمة علاقات مفتوحة مع تركيا والبرازيل، وثمة تبادلات تجارية ناشطة من تحت الطاولة مع بعض الخليج العربي. الخلاصة، ستسفر هذه العقوبات عن ولادة سماسرة جدد، وسيبقى النظام الإيراني متحكماً برقاب شعبه، لكنه وبعد هذه العقوبات سيصبح أقل خجلاً في قمع المعارضات الداخلية. أي معارضة في وسعها ان تنتفض حين يكون النظام في حالة مواجهة مع العالم كله؟ وما الذي سيخسره النظام حين يقمع بقسوة اي اعتراض؟ هل ثمة في العالم من لا يزال يظن ان في وسع المعارضة الإيرانية للنظام ان تستفيد من تضامن عالمي مع مطالبها؟
The opinions expressed in this blog are strictly personal and do not reflect the views of Global Brief or the Glendon School of Public and International Affairs.
الآراء الواردة في هذا البلوغ هي اراء شخصية ولا تعبر عن وجهة نظر غلوبال بريف او غلندون سكول اوف بابليك اند انترناشونال افيرز