انتروبولوجيا الاقتصاد الأميركي 1
بلد المهاجرين والفاتحين والمغامرين او استعادة توكفيل
يكاد يجمع المحللون في الولايات المتحدة الأميركية على رهاب وحيد. رهاب ان تنزل الولايات المتحدة عن مرتبتها الاولى في العالم، لتصبح ثانية او ثالثة. المرتبة الثانية بالنسبة للأميركيين، شعباً ومؤسسات وصناع رأي عام، تعادل الدخول في حقبة عالمثالثية، لا يطيق الأميركيون تخيلها. وتأسيساً على هذا الرهاب المنتشر كنيران الخريف، لا يتوانى بعض القادة في العالم عن تغذية السعي والرجاء في نزول الولايات المتحدة عن مرتبتها هذه، من دون ان يكون للساعي والراجي مصلحة مباشرة في ذلك. فالروسي الذي يوالي رئيسه ووزراء حكومته في رغبتهم بنزول الولايات المتحدة عن هذه المرتبة، لا يحسب، ولا قادته يحسبون، ان نزولها هذا قد يعقبه صعود روسي نحو الحلول محلها. كما لو ان الروسي، مسؤولاً ومواطناً، ينطلق في رغبته هذه، التي يشفعها المسؤولون الكبار بتصريحات معلنة، هي اقرب إلى التمني منها إلى الوقائع، من تفضيل للريادة اليابانية او الصينية على الريادة الأميركية. ذلك ان ما يجمع عليه الجميع في هذا السياق هو احلال الصين او اليابان، او الاتحاد الاوروبي، إذا نجح في تمتين وحدته وحمايتها، محل الولايات المتحدة الأميركية. ومن نافل القول ان احداً، في روسيا او خارجها، لا يعتقد في خلافة روسيا للولايات المتحدة دولة اولى وقاطرة عالمية تجر العالم خلفها. لكن اللافت في هذا الأمر يتعلق بالموقفين الصيني والياباني نفسيهما، ففي حين لا يخفي الاوروبيون والروس رغبة معلنة ومضمرة في نزول الدولار عن عرشه بوصفه عملة اولى تُقيّم ثروات العالم على اساس قيمتها وقوتها، لا يأنف المسؤولون اليابانيون والصينيون من دعم الدولار سراً وعلناً ومن الإصرار على بقاء الأمور على ما كانت عليه، والرضا الضمني بتحمل الخسائر الناجمة عن اتباع مثل هذا الخيار. والحق ان الموقفين الصيني والياباني يمتان إلى وقائع الاحوال بصلات عميقة، فالتطور والتقدم والنمو في هذين البلدين تم في مجمله تحت مظلة هذا النظام الدولي الهش، الغامض الملامح والسهل الاضطراب، اي النظام الذي يشكو منه رئيس الحكومة الروسية وحاكمها الفعلي فلاديمير بوتين، باعتبار ريادة الولايات المتحدة وقيادتها للقاطرة العالمية امر غير مرغوب فيه،وانحلول سائق آخر محل السائق الأميركي شأن يجدر بالروس السعي إليه بين دول العالم الأخرى المتقدمة والقادرة على اداء مثل هذه المهمة نظرياً على الأقل
الآراء الواردة في هذا البلوغ هي آراء شخصية وتعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط ولا تعبر عن وجهة نظر غلوبال بريف او غلندون سكول اوف بابليك اند انترناشونال افيرز
The opinions expressed in this blog are strictly personal and do not reflect the views of Global Brief or Glendon School of Public and International Affairs.