تصدير الشغب
هل بقي ما يمكن للعالم ان يفعله حيال الملف النووي الإيراني؟ ثمة في هذه المسألة منظقان لا يلقتيان ابداً. منطق يقول ان امتلاك السلاح النووي قد يكون ثقيلاً على مالكيه اكثر من ثقله على اعداءهم او من يفترض بهم ان يكونوا اعداءهم. ومنطق آخر يقول: طيب، نعرف هذا كله، فإذا كنتم قد ضقتم ذرعاً بملكياتكم النووية فلم لا تعطوها للطالبين والراغبين حقاً بحيازتها؟
فضلاً عن هذا التعارض بين المنطقين، ثمة ايضاً تعارض اشمل في مكان آخر. ذلك ان حيازة اسلحة نووية في الدول الكبرى والنووية شكل على مر الأيام نوعاً من الثقافة العامة التي تفترض ان شرط الحيازة هذا، ليكون آمناً على الدولة التي تحوز السلاح النووي وعلى العالم ايضاً، يفترض دوام الحال على ما هي عليه من دون ثورات واضطرابات. فحيث الدول تعاني من اضطرابات وثورات وحروب أهلية يجدر بحكامها ان يدركوا انهم موقتون وان نظام حكمهم قد يكون موقتاً وتالياً، يجدر بهم ان يقلعوا عن محاولة امتلاك اسلحة دمار شامل، ذلك ان احداً لا يعرف في ايدي من قد تقع بعد حين. على اي حال كان المثال السوفياتي غزير العبر في هذا المجال
الحجة الدولية تقول ان ايران تقع جغرافياً وتاريخياً في منطقة ومنظومة افكار واديان ومذاهب متصارعة في ما بينها. وان الثابت في تلك المنطقة هو اللا استقرار، ولنفترض ان حكمة الرئيس الإيراني والقيادة الحالية ستحول دون استعمال اسلحة الدمار الشامل إذا ما حصلت عليها إيران فذلك لا يعني ان ورثة الرئيس والقيادة الحاليين قد يتمتعون بالحكمة نفسها. وبمعنى آخر لا احد يضمن حتى احمدي نجاد نفسه ان نظام الحكم الذي يحكم ايران قد يستمر زمناً طويلاً صامداً في مواجهة الدنيا.
هذا صحيح عموماً. لكن هذا النظام الطارئ والمستجد والسابح عكس مسار الأرض كلها، يستطيع ان يهدد أمن دولاً راسخة في ديموقراطيتها ونظم حكمها، وهو في الواقع يسلح جيوشه على ابواب اوروبا، وقطعاته البحرية تجوب البحار الأوروبية القديمة. والحال، هل يمكننا القول ان النظام الديموقراطي في تركيا او في رومانيا او حتى فرنسا النووية ارسخ واطول عمراً من النظام الإيراني؟ لا أحد يملك إجابة دقيقة. جل ما يمكننا قوله هو ان المنتوجات الإيرانية التي يصدرها نظام الملالي الشيعة إلى العالم تمتلك الدرجة نفسها من الخطورة في كل مكان. فهذا النظام لا يصدر إلا شغباً، وسواء كان الشغب نووياً ام كيماوياً ام تقليدياً، فإن نتائجه المدمرة تملك الأثر نفسه