انكار الاصول
يعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما: انا مسيحي باختياري. اوباما كان يرد على محاولات جمهورية لتأليب الرأي العام الأميركي ضده، بحجة انه مسلم ما دام يتحدر من صلب أب مسلم
ليس ثمة دواعٍ للشك بمسيحية اوباما، لكن اعلان إيمانه ما كان ليكون محل أخذ ورد، لو أنه لم يكن متحدراً من تلك الأصول. ثمة مئات من الملايين من الاميركيين المسيحيين الذين يجدون انفسهم غير مضطرين للإعلان عن إيمانهم المسيحي، ورجال الدولة من بينهم. لكن اوباما يجد نفسه مجبراً على الإعلان. وهذا يفترض أن المرء، حتى في الأنظمة الأعرق في ديموقراطيتها، حيث تقع ثيمة الفردية في موقع مشرف وعال بين القيم، محكوم بنسبه وأصوله. لم يقل اوباما، ولا يستطيع ان يقول انه أسود باختياره، لكنه في حملته الانتخابية وجد نفسه ملزماً بالدفاع عن حق السود في المساواة مع البيض، ويمكن القول أنه نجح في مسعاه. بل أن انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية شكل بالنسبة لمعظم نخب العالم ثورة اجتماعية وسياسية على طريق تحقيق المساواة التامة والشاملة بين الأعراق
اوباما مثّل وقاد ثورة في سبيل المساواة بين البشر، الأميركيين خصوصاً، وواجه الكثير من الحملات التي ابطنت منحىً عنصرياً واضحاً. لكنه انتصر. وانتصاره هذا كان انتصاراً لكل المناضلين من أجل المساواة في العالم
أوباما الأسود لم يجد مفراً من الدفاع عن لونه، هذا رغم ان زوجة خصمه الجمهوري جون ماكين، اتهمته بأنه أبيض أكثر من البيض، بافتراض ان البياض هو أولاً موارد وثانياً مسالك. لكنه حين ووجه بأصوله الدينية، لم يتورع عن الإنكار. والحق ان أصول اوباما الإسلامية وثقافته المسيحية، يفترض ان يشكلا مصدر غنى له وسبباً لفخره، باعتبار ان الانفتاح على الثقافات والمذاهب والأديان هو قيمة مضافة، وليس سبباً للخجل
إذا كانت الديموقراطيات في العالم، والأميركية على وجه الخصوص، تعني ما تعلنه تكراراً من رغبة في تحقيق السلم في العالم أجمع، ونبذ الحروب، فهذا يفترض، بداهة، ان لا يكون تحدر المرء من أصول إسلامية، سبباً للنكران والاعتذار
The opinions expressed in this blog are strictly personal and do not reflect the views of Global Brief or the Glendon School of Public and International Affairs.
الآراء الواردة في هذا البلوغ هي اراء شخصية ولا تعبر عن وجهة نظر غلوبال بريف او غلندون سكول اوف بابليك اند انترناشونال افيرز