الزهد سلاحاً
دأبت إيران تحت حكم الملالي على بث عقيدة قوة ونشرها. مفاد العقيدة ان الإيرانيين اولاً والمسلمين عموماً، لا يخشون الموت بل يقبلون عليه طائعين صاغرين. وهو، اي الموت، مطلب من مطالبهم الأثيرة. وعليه رأت القوى الغربية عموماً والتي خاضت مواجهات مع إيران، ان التفوق الإيراني في بعض المواجهات مدين لهذه العقيدة بالذات. إذ لطالما صرح السياسيون والمفكرون ان شخصاً يبغي الموت لا يمكن لأي سلطة ان تنجح في ردعه، فالعقوبة التي تنزلها السلطات بخصومها واعدائها، اكانت هذه السلطات دولاً ام سلطات محلية، هي الموت بوصفه عقوبة قصوى: نشن الحرب على الدولة المعادية او “المارقة” ونقتل جنودها ونهدم مبانيها وندمر منجزاتها الحضارية فتستسلم. وتالياً كان النصر والهزيمة مرتبطان بالتاريخ على نحو مباشر: نعيد هذا البلد إلى القرون الوسطى، ندمر البلد ونعيده قروناً إلى الوراء. وحين تمتلك دولة ما القدرة على تدمير دولة أخرى وإعادتها قروناً إلى الوراء، فإن هذه الدولة تعتبر نتيجة حربها انتصاراً. لكن فكر الملالي كان يحتاط لهذه النقطة احتياطاً خطراً. إذ كان الملالي ومن والاهم يعتبرون العودة إلى تلك القرون الوسطى انجازاً يسعون لتحققه. على هذا انتشر التشادور بين النساء الإيرانيات لأن السلطات الإيرانية تسعى للعودة إلى الوراء. فما الذي يضيرها والحال هذه إذا اعادتها حرب ما إلى القرون الوسطى؟
نجت إيران في العقود القليلة الماضية في تفريغ الانتصارات العسكرية من مضمونها، مما جعلها عملياً دولة لا تهزم. فما دام اهلها يريدون الموت ويسعون إليه، وما دام قادتها يريدون العودة بمجتمعاتهم قروناً إلى الوراء، فليس ثمة سلاح يستطيع ان يردعهم او قوة تستطيع ان تهزمهم. وتصبح الحروب ضدهم عبثاً لا طائل تحته. وهذا في حد ذاته كان سبباً اساسياً في ضعف سلاح العقوبات التي ووجهت به إيران، وعجزه عن إحداث الأثر المطلوب. ذلك ان مناصري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يفخرون في أنهم لا يمكلون من حطام هذه الدنيا الفانية شيئاً. والحال ما الذي تستطيع الدول المتقدمة ان تفعله للي أذرعتهم؟
The opinions expressed in this blog are strictly personal and do not reflect the views of Global Brief or the Glendon School of Public and International Affairs.
الآراء الواردة في هذا البلوغ هي اراء شخصية ولا تعبر عن وجهة نظر غلوبال بريف او غلندون سكول اوف بابليك اند انترناشونال افيرز