نضال مالك حسن كان اميركيا او كاد
مفهوم ان يسعى المحققون الأميركيون إلى تقصي دوافع نضال مالك حسن التي جعلته يرتكب مجزرته في قاعدة فورت هود بتكساس. ومفهوم بدرجة أكبر ان يتقصى هؤلاء عن الأسباب في جذور مالك حسن الفلسطينية. الرجل كان أميركياً او كاد وحارب من أجل أميركا. وحين قرر ان يرتكب مجزرته باتت اميركيته مبعث ربية وشك. لم يعد أميركياً تماماً. فالمواطنة الأميركية تتيح للمرء ان يكون مجنوناً، قاتلاً متسلسلاً، مهووساً باغتصاب النساء، لكنها لا تتيح له ان يحكّم الميزان بين جذوره وانتماءه. جريمة ان تدعي انك مواطن في بلد ما وأنت تدين بالولاء لبلد آخر وهوية أخرى مرتبطة بجذورك وأصولك تكاد تكون أكثر الجرائم المعاصرة مدعاة للشجب والاستنكار
قد يقول اي سياسي مسلم او يساري ان دوافع مالك حسن مفهومة بالنظر إلى أصوله وجذوره وإلى الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة الاميركية في أكثر من مكان في العالم. لكن الثابت ان المحقق الاميركي، والسياسي والناخب والمواطن سيجد في الجريمة التي ارتكبها مالك حسن ذنباً لا يغتفر، إذا كان لهذه الجريمة دوافع غير مرضّية. المحققون بطبيعة الحال يبذلون جهوداً مضنية للتثبت من أن دوافع الجريمة كانت مرضية: انهيار عصبي مثلاً، او حالة جنون موقت. لكنهم، في حالة حسن تحديداً، ولأنه مسلم من أصول فلسطينية لا يستبعدون الدوافع المتعلقة باختلاط هويته. هو فلسطيني – اميركي، مثلما يكون شخص آخر افرو – أميركي. لكن الفلسطيني – الاميركي لم يحز حتى الآن في الوعي الجمعي الأميركي الحق في أن يغضب لظلم قديم تعرض له هو او اسلافه، مثلما هي حال الافرو – اميركي. فالفارق بين الحالين ان الأفرو – أميركي، بسبب تقادم الزمن او بسبب ضياع شجرة الأصول هو مواطن لا يملك ان يكون إلا أميركياً. في حين ان مالك حسن، يستطيع الانتماء إلى هوية أخرى موجودة ومعاينة ويمكن تقصي أثرها في سلوكه اليومي وفي اتصالاته الهاتفية وبريده الألكتروني
الأرجح ان ازدواج الهويات والانتماءات لا يزال اكثر الجرائم المعاصرة خطورة ودموية. لأن غلبة هوية وانتماء على آخر قد تدفع المرء إلى القتل من دون وازع من اي نوع، حتى حب الحياة لا يعود سبباً كافياً للردع